السيرة الذاتية للكاثوليكوس البطريرك
أبراهام بطرس الأول أردزيفيان
(1679-1749)
مرشد الإيمان والبطريرك الأول
كما ذكر في ملخص المنسنيور أمادوني، فإن أردزيفيان كان من الأحبار الأرمن الذين انتموا الى الكثلكة قبل انشاء كنيسة أرمنية كاثوليكية منفصلة.
تلقى أردزيفيان علومه في مدرسة المرسَل ملكون تزبازيان الذي كان، بدوره، تلميذ المعهد الأورباني في روما، ولاحقاً، أسقف ماردين وشهيد الإيمان. ودخل أردزيفيان الشاب في خدمة الكاثوليكوس بطرس الثاني السيسي (قيليقيا)، الذي كان ميّالاً للكثلكة، وقد سامه أسقفاً على حلب (1710)، ممّا أثار صراعاً مريراً بين أتباع الكنيستين في سبيل الحصول على مقر الأسقفية في المدينة.
وقد أُوقف تزبزيان وأردزيفيان، عام 1714، ونُفيا عندما كان وجهاء من الأرمن الكاثوليك – المجتمعين في القسطنطينية، في جلسة منعقدة بكامل أعضائها، وبتشجيع من سفارة غربيّة معيّنة – ينتخبون أول بطريرك أرمني كاثوليكي.
وكان الأسقف أردزيفيان من أولئك الذين تزيد الخصومة في صلابتهم. لذا، ما إن تمّ تحريره بفضل تدخّل أصدقاء عديدين (في حين توفّى تزبزيان في منفاه شهيداً)، حتى أُعيد إلقاء القبض عليه، وقد بقي وحيداً، وسُجن في جزيرة أرواد بين عامَي 1719 و 1721. ولم يحصل على حرّيته الّا بعدما وعد بألّا تطأ قدماه أرض حلب. وهكذا، لجأ الى الكريم (غوسطا، كسروان)، حيث كان الأخوة موراديان الحلبيّين قد اشتروا أرضاً ليبنوا عليها ديراً يعيشون فيه حياة نسكيّة.
وشارك أردزيفيان، خلال الأعوام السبعة عشر لمنفاه الاختياري في الكريم، في تأسيس رهبنة الأنطونيّين الأرمن وديرهم، فيما كان يديرُ شؤون أبرشيّته في حلب بواسطة نائبه الأب هاغوب هوفسيبيان.
وكان العام 1738 عاماً حاسماً بالنسبة الى الأرمن الكاثوليك في حلب، اذ حصلوا على الحق في كنيسة يقيمون فيها شعائرهم، ثمّ على الحق في العودة الأسقف أردزيفيان الى حلب، وذلك بفضل الباشا الجديد الذي كان أمين سرّه أحد الأرمن الكاثوليك.
وهكذا، غدا الوضع مناسباً لإعادة اطلاق فكرة اعتناق الأرمن الكثلكة. فدخل أردزيفيان حلب ليلاً، وبمعاونة أسقفَين من الروم الكاثوليك، قام بسيامة ثلاثة من الأساقفة الجدد، منهم نائبه هاغوب هوفسيبيان. وقام الأساقفة الثلاثة، بدورهم، بانتخاب أردزيفيان بطريركاً على الأرمن الكاثوليك، بتاريخ السادس والعشرين من تشرين الثاني 1741. وإذ قصد روما لتثبيت إنتخابه، استقبله البابا بندكتوس الرابع بكلّ ترحاب، وبعدما قام بامتحانه، سلّمه، في الثامن من كانون الأول 1742، طيلسان الحبريّة عربون صداقة والسلطة المتاقسمة في الكنيسة الرومانيّة.
وكما أظهرنا في الصفحات السّابقة، فإن وجود البطريركيّة التي أسّسها أردزيفيان كان غير شرعي، لاغياً ولا مفعول له بحسب أنظمة السلطنة العثمانيّة، وهكذا، غدا البطريرك وأتباعه عرضة للملاحقة القضائيّة الدائمة، وكان المحرّضون الأكثر شراسةً، بالطبع، أولئك الذين تضرّروا من خطوة أردزيفيان.
وقد اضطرّ البطريرك – على الرغم من تدخّلات السفراء الغربيّين التي دبّرها المطران ج. بونا، نائب اللاتين في القسطنطينيّة، والهادفة الى الحصول على براءة سلطانيّة للبطريرك الأرمني الكاثوليكي – نقول اضطرّ البطريرك الى العدول عن مشروعه الأساسي في الإقامة في القسطنطينيّة، والى العودة الى الكريم.
وهكذا، كُتب لملحمة أن تبدأ، وقد غدا عمرها، اليوم، 250 عاماً.
وكان على أردزيفيان، البطريرك الأول – وقد شاخ وطرد الى زاوية مخفية في الجبل اللبناني، يدعمه فقط ستّة أساقفة وحوالي 22 راهباً أنطونياً أرمنياً – أن يكسب كل شيء من جديد. وإذ تعب من مشاطه الرّسولي من المضايقات والسجون العثمانيّة، غادر لملاقاة ربّه وللاستراحة لدنه، وذلك بعد أعوام خمسة على اعتلائه السدّة البطريركيّة.


الصفحة الرئيسية | خريطة الموقع | الدليل | مراجع مفيدة | إتصل بنا
ابحث في الموقع: 
اقرأ هذه الصفحة باللغة :    
جميع حقوق النشر محفوظة © للكنيسة الأرمنيّة الكاثوليكيّة